Worldwide Locations:

تعديلات ضريبة القيمة المضافة في مصر لعام 2025 على البناء

في يونيو ٢٠٢٥، أقر المشرّع المصري تعديلًا محوريًا على قانون الضريبة على القيمة المضافة، نصّ على إلغاء ضريبة الجدول بنسبة ٥% المقررة على أنشطة المقاولات وأعمال التشييد والبناء، مع إخضاعها للسعر العام لضريبة القيمة المضافة بنسبة ١٤%، مع استثناء صريح لأعمال بناء وصيانة دور العبادة.

ويُعدّ هذا التعديل أحد أبرز التحولات التشريعية في هيكل الضرائب غير المباشرة خلال السنوات الأخيرة، إذ لا يقتصر أثره على تغيير نسبة الضريبة، بل يمتد إلى إعادة صياغة العلاقة المالية والقانونية بين المقاول، والمطور، والعميل، والخزانة العامة للدولة، ضمن إطار أكثر اتساقًا مع مبادئ النظام الضريبي العالمي القائم على الخصم والاسترداد.

من الضريبة القطعية إلى ضريبة قابلة للخصم

كانت ضريبة الجدول تمثل معاملة ضريبية استثنائية لأنشطة المقاولات، تُفرض كضريبة قطعية غير قابلة للخصم، تسري على القيمة الإجمالية للأعمال دون النظر إلى التكلفة الفعلية أو مستوى الربحية، وتُسدد بغض النظر عن طبيعة العميل أو أهلية المشروع للخصم.

هذا النموذج كان ينتج عنه عدد من الإشكاليات العملية:

  • ازدواج ضريبي فعلي: إذ تُسدد ضريبة على المدخلات (مواد، معدات، خدمات)، ثم تُفرض ضريبة قطعية نهائية على القيمة الإجمالية، دون خصم ما سبق سداده.
  • انفصال عن نظام القيمة المضافة: مما يخلق نظامًا مزدوجًا داخل نفس التشريع، ويضع أنشطة المقاولات خارج دائرة الخصم والاسترداد التي يقوم عليها النظام.

مع التعديل الجديد، خضعت أنشطة المقاولات للسعر العام (١٤%)، وباتت جزءًا من منظومة الضريبة على القيمة المضافة الكاملة، بما يسمح للمقاولين بخصم ضريبة المدخلات، شريطة استيفاء الشروط الشكلية والموضوعية للخصم، وعلى رأسها التعامل مع أطراف خاضعة وإصدار فواتير ضريبية صحيحة.

المزايا المحاسبية والمالية للتعديل

١. تقليل العبء الضريبي الفعلي عبر خصم المدخلات:

إحدى المزايا الجوهرية لهذا التحوّل هي القدرة على خصم ضريبة القيمة المضافة المدفوعة على كافة مدخلات المشروع – وهي ميزة لم تكن متاحة سابقًا.

هذا الخصم يؤدي إلى تقليل الضريبة المستحقة على المقاول، ويمكّنه من تقليل التكلفة الضريبية الصافية للمشروع، خصوصًا في المشروعات كثيفة الاستخدام للمواد والخدمات.

٢. إنهاء الازدواج الضريبي داخل السلسلة الإنتاجية:

في ظل النظام السابق، كان كل طرف في سلسلة التوريد يتحمل ضريبة مستقلة لا يُمكن ترحيلها، مما أدى إلى تضخم في التكلفة النهائية. أما الآن، فالنظام القائم على الخصم يُتيح ترحيل العبء الضريبي حتى يصل إلى المستفيد النهائي، وهو النموذج المثالي الذي تستند إليه فلسفة القيمة المضافة.

٣. انضباط محاسبي أعلى وشفافية في المعالجة الضريبية:

تتطلب المعاملة الجديدة تطوير الأنظمة المحاسبية لتسجيل المخرجات والمدخلات، وإصدار فواتير ضريبية متوافقة مع القانون، وتقديم إقرارات ضريبية دقيقة قائمة على بيانات فعلية لا تقديرية.

وهذا يدفع نحو تحسين جودة السجلات المحاسبية، ويُقلّل من فرص التهرب أو التقدير الضريبي التعسفي، ويُرسّخ مبادئ الحوكمة المالية داخل الشركات العاملة في هذا القطاع.

٤. إدارة أكثر فاعلية للتدفقات النقدية:

الخصم الضريبي يُمكّن الشركات من تخفيض التزاماتها الضريبية المستحقة في نهاية كل فترة ضريبية، مما يوفّر سيولة إضافية يمكن توجيهها لتمويل تنفيذ المشروعات.

وهذا يُعد أمرًا بالغ الأهمية في قطاع المقاولات، الذي يعتمد على دورة مالية طويلة ومعقدة تتطلب قدرة عالية على إدارة النقد والالتزامات المؤجلة.

٥. توافق أكبر مع المعايير الدولية:

بإدماج قطاع المقاولات ضمن النظام العام لضريبة القيمة المضافة، يُصبح النظام الضريبي المصري أكثر توافقًا مع النظم المعمول بها في الأسواق المتقدمة، مما يُسهّل دخول الشركات المصرية في مشروعات دولية أو تعاقدات مشتركة مع جهات أجنبية، ويُبسّط إجراءات الفحص الضريبي والتحقق في حالات التمويل الدولي أو العقود الممولة من جهات متعددة الجنسيات.

ابرز التحديات عند التطبيق العملي

رغم ما يحمله التعديل من مزايا هيكلية، إلا أن التطبيق العملي يستلزم التعامل مع عدد من التحديات، من أبرزها:

  • العقود السابقة على التعديل: تحديد ما إذا كانت خاضعة لضريبة الجدول أم القيمة المضافة، خصوصًا إذا كانت العقود طويلة الأجل أو تمت ترسيتها قبل التعديل ولم تُنفذ بالكامل.
  • مستحقات الدولة في ظل النظام الجديد: قد تطرأ فروق بين الضريبة التي سبق تحصيلها وفق النظام السابق، وتلك المستحقة وفق النظام الجديد، مما يقتضي وجود تعليمات انتقالية واضحة من مصلحة الضرائب.
  • أثر النظام الجديد على العملاء غير الخاضعين: مثل المشترين الأفراد في المشروعات السكنية، إذ لا يمكنهم خصم الضريبة، مما يُحوّل العبء بالكامل على المطور أو المقاول، وقد يؤدي إلى ارتفاع سعر البيع.

خاتمة

إن التعديل التشريعي بإلغاء ضريبة الجدول وإخضاع المقاولات لضريبة القيمة المضافة يُعد خطوة استراتيجية لإصلاح نظام الضرائب غير المباشرة في مصر، وتوحيد معايير المعالجة الضريبية، وزيادة الكفاءة التشغيلية والعدالة الاقتصادية.

لكنه في المقابل يتطلب من الشركات العاملة في قطاع المقاولات مستوى جديدًا من الجاهزية الضريبية والمحاسبية، وفهمًا دقيقًا لتفاصيل الخصم والاسترداد، ومراجعة شاملة للعقود والأنظمة المالية بما يضمن الامتثال الكامل وتفادي المخاطر الضريبية مستقبلاً.

 للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على  info@eg.andersen.com

Written By

Khaled Ali - Senior Tax Partner

إرسل لنا رسالتك

Posts - Page Form Ar
Newsletter

door