إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة المصرية
في خطوة تنظيمية أثارت اهتمام الأوساط المالية، قررت الحكومة المصرية بتاريخ ١٠ يونيو ٢٠٢٥ إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية المفروضة على تعاملات البورصة، واستبدالها بضريبة دمغة تُفرض بنسبة ثابتة تتراوح بين ٠.١٪ و٠.١١٥٪ على كل من عمليتي البيع والشراء. ويُعدّ هذا التحول من نظام ضريبي قائم على الربحية إلى نظام قائم على حجم التداول تحولًا جوهريًا في بنية السياسة المالية المرتبطة بالأسواق المالية، له تبعات مباشرة على سلوك المستثمرين وآليات احتساب العوائد الصافية لمحافظهم.
أثر التحول من ضريبة على الأرباح إلى ضريبة على المعاملات
المستثمر الذي يتعامل في سوق يتبنّى ضريبة على الأرباح، يرتبط التزامه الضريبي بحجم الأرباح الفعلية المحققة، ما يفرض عليه التزامًا محاسبيًا لتوثيق تكلفة الاقتناء وسعر البيع واحتساب الفرق. أما في ظل ضريبة الدمغة، فإن الضريبة تصبح تكاليفًا ثابتة تُخصم عند تنفيذ كل صفقة، بصرف النظر عن نتيجتها. هذه الصيغة تُنتج أثرًا مزدوجًا؛ فمن جهة تتيح وضوحًا في التسعير وسهولة في التنبؤ بتكلفة التداول، ومن جهة أخرى تنشئ عبئًا ماليًا حتى في حال تحقيق خسارة، ما يستوجب إعادة احتساب جدوى كل حركة تداول ضمن الاستراتيجية الكلية للمستثمر.
مقارنة كمية بين النظامين
في النموذج المحايد، إذا نفّذ مستثمر عشر صفقات خلال فترة زمنية قصيرة، كل منها بقيمة ١٠٠,٠٠٠ جنيه، فإن قيمة ضريبة الدمغة المستحقة عند نسبة ٠.١٪ تصل إلى ١,٠٠٠ جنيه، تُخصم مسبقًا بغض النظر عن حصيلة التداول. في المقابل، لو حقق أرباحًا صافية مقدارها ١٠,٠٠٠ جنيه في النظام السابق، لكانت الضريبة تساوي المبلغ نفسه عند معدل ١٠٪. لكن في حال الخسارة، لم يكن ليتحمّل أي التزام ضريبي. هذا الفارق يعيد تشكيل منحنى المخاطر المرتبطة بالتداول النشط، ويقلّص من حوافز المضاربة قصيرة الأجل ذات العوائد غير المؤكدة.
تأثير النموذج الجديد على أنماط التداول
ويُلاحظ أن النماذج الاستثمارية الكمية أو الاستراتيجيات عالية التردد ستتأثر بشكل خاص بهذا التحول. فكل عملية دخول أو خروج من المركز الاستثماري تُولد تكلفة مباشرة، ما يرفع الكلفة التشغيلية لنماذج التداول المتكرر. في المقابل، تميل المحافظ التي تعتمد على استراتيجيات طويلة الأجل أو إعادة التوازن الدوري إلى التكيّف بشكل أكثر كفاءة مع نموذج الضريبة الثابتة، بالنظر إلى انخفاض عدد العمليات وبالتالي تراكم أقل للضريبة عبر الزمن.
التغير في المعاملة الضريبية للمستثمرين الأجانب
من جهة أخرى، فإن المستثمر الأجنبي الذي كان يتمتع سابقًا بإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية، أصبح الآن ملزماً بضريبة الدمغة على كل صفقة. هذا التغيير يعيد تشكيل الجدوى النسبية للاستثمار في السوق المصرية مقارنةً بأسواق أخرى في المنطقة. غير أن انخفاض معدل الضريبة إلى مستويات قريبة من ٠.١٪ يبقي تكلفة التعامل ضمن نطاق مقبول دوليًا، خاصة إذا قورنت بمثيلاتها في الأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، حيث تُفرض ضرائب معاملات مماثلة أو أعلى نسبيًا.
آثار محتملة على السيولة وتوسّع قاعدة المستثمرين
أما على مستوى السيولة، فإن إزالة العقبة الإدارية المتمثلة في فتح ملف ضريبي وإعداد إقرارات أرباح سنوية قد تؤدي إلى دخول شرائح جديدة من المستثمرين الأفراد إلى السوق، ممن كانوا يُحجمون عن التداول بسبب الجوانب الإجرائية المرتبطة بالضريبة السابقة. كذلك، فإن وضوح التكلفة الضريبية مقدّمًا يُسهّل إدراجها ضمن قرارات التسعير والتقييم التي يتخذها المستثمرون المؤسسيون، خصوصًا في صناديق المؤشرات أو المحافظ المدارة خوارزميًا.
إعادة احتساب العوائد الصافية
من زاوية احتساب العائد، سيحتاج المستثمرون إلى تعديل صافي العائد المتوقع من كل مركز استثماري بطرح نسبة الضريبة المزدوجة (على البيع والشراء) من القيمة الاسمية للعائد الإجمالي. وبالتالي، فإن تحقيق عائد بنسبة ٥٪ على ورقة مالية ما يجب أن يُقارن بتكلفة ضريبية مقدارها ٠.٢٪ من حجم الصفقتين (الدخول والخروج)، مما يُقلّص العائد الفعلي إلى ٤.٨٪ قبل احتساب أي رسوم وساطة أخرى. وبالنسبة للمستثمرين ذوي الاستراتيجيات الهامشية، قد يشكل هذا الفرق عاملًا حاسمًا في قرار تنفيذ الصفقة أو الامتناع عنها.
خاتمة
بالمجمل، يمكن القول إن هذا التحول الضريبي لا يغيّر فقط من العبء المالي الفوري الواقع على المتداولين، بل يُعيد صياغة العلاقة بين المستثمر والسوق، من خلال تقديم نموذج ثابت، شفاف، يسهل دمجه ضمن الاستراتيجية المالية للمستثمر.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com