أمكانا حول العالم:

قانون الميراث في مصر: الحقوق والواجبات

يلعب قانون الميراث في مصر دورًا أساسيًا في النظام القانوني للبلاد، حيث يحدد كيفية توزيع الثروة بعد وفاة الشخص، وعلى عكس الأنظمة القانونية التي تسمح بحرية كاملة في الوصية، فإن قانون الميراث المصري يتبع عملية منظمة تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية، والتي تحدد حصصًا إلزامية للورثة. ورغم أن هذه القواعد تهدف إلى تحقيق العدالة ومنع النزاعات، إلا أنها تحد أيضًا من قدرة الأفراد على توزيع أصولهم وفقًا لرغباتهم.

بالنسبة للمسلمين، يخضع توزيع الميراث لنظام الفَرائِض، حيث يكون لأقارب معينين حصص محددة من التركة. أما غير المسلمين، فقد يتمتعون بمرونة أكبر، وذلك حسب ديانتهم وما إذا كان لديهم وصية معترف بها قانونيًا. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الأجانب الذين يمتلكون أصولًا في مصر التعامل مع مزيج من قوانين الميراث المحلية والمبادئ القانونية الدولية لضمان توزيع التركة بشكل صحيح.

يقدم هذا المقال نظرة شاملة على قانون الميراث في مصر، بدءًا بالإطار القانوني، يليه كيفية توزيع الميراث، ودور الوصايا، وأهم النزاعات المتعلقة بالميراث وطرق حلها.

الإطار القانوني الحاكم للميراث في مصر

يخضع الميراث في مصر لمجموعة من القوانين الإسلامية، القوانين التشريعية، وأحكام القانون المدني. تعرف هذه القوانين من يعتبر وارثًا، كيف يتم تقسيم الأصول، وما هو دور الوصايا في توزيع التركة. تشمل المصادر القانونية الأساسية التي تحكم الميراث ما يلي:

قانون رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦(قانون الوصية):

هذا هو القانون الأساسي الذي يحكم الميراث في مصر، ويطبق مباشرة مبادئ الشريعة الإسلامية. يقيم نظام الفرائض، الذي يحدد حصصًا ثابتة للورثة بناءً على علاقتهم بالمتوفى. تحت هذا النظام، يحق للأزواج، الأطفال، الوالدين، والأشقاء الحصول على نصيب محدد من التركة.

أحد الأحكام الرئيسية لهذا القانون هو أن الورثة الذكور في العديد من الحالات يتلقون ضعف حصة الإناث، وهي مبدأ مستمد من القانون الإسلامي. ومع ذلك، هناك استثناءات، مثل في حال عدم وجود ورثة ذكور، مما يسمح للأقارب الإناث بالحصول على نصيب أكبر. كما ينص القانون أيضًا على أن الوريث الذي يتسبب عمدًا في وفاة المتوفى يُستبعد من تلقي الميراث.

يحد القانون المصري من استخدام الوصايا، مانعًا الأفراد من توزيع ثرواتهم بحرية خارج نظام الميراث الإلزامي. ينص هذا القانون على أن الشخص يمكنه فقط التوصية بما يصل إلى ثلث تركته للمستفيدين الذين يختارهم، بينما يجب أن يذهب الثلثان المتبقيان من التركة إلى الورثة وفقًا لمبادئ الشريعة.

بالنسبة لغير المسلمين، قد تعترف المحاكم بالوصايا التي توزع التركة بأكملها وفقًا للرغبات الشخصية، طالما أنها لا تتعارض مع النظام العام المصري. ومع ذلك، بدون وصية، قد يخضع غير المسلمين لقواعد الميراث الإسلامية بشكل افتراضي.

بالإضافة الى ذلك، فقد تم إصدار هذا القانون لمنع الأفراد من التحايل على قواعد الميراث من خلال نقل الأصول قبل الوفاة. فإذا وجدت المحكمة أن الشخص قد قام عمدًا بوهب أو نقل الممتلكات لبعض الورثة بهدف تجاوز نظام الميراث الإلزامي، فإن لها سلطة إلغاء هذه المعاملات وفرض توزيع التركة وفقًا للنظام القانوني المعتمد.

حل نزاعات الميراث

ينظم قانون الوصية رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦العملية القضائية لمطالبات ونزاعات الميراث، مضمونًا أن الورثة يمكنهم قانونيًا تأكيد حقوقهم. اذ يحدد الإجراءات لتقديم قضايا الميراث، بما في ذلك التحديات الموجهة ضد الوصايا، ومعارضة نقل الأصول الاحتيالي، وحل النزاعات بين الورثة.

أحد المجالات الرئيسية التي يركز عليها هذا القانون هو حقوق الميراث للنساء، حيث تشمل العديد من الحالات محاولات من الأقارب الذكور لمنع الوريثات الإناث من الحصول على نصيبهن القانوني المقرر. وقد أصدرت المحاكم المصرية بشكل متزايد أحكامًا لصالح النساء في نزاعات الميراث، معززة بذلك حقوقهن بموجب القانون.

الميراث لغير المصريين وفقا للقانون المصري

يخضع الميراث للمواطنين الأجانب في مصر لمجموعة من **القانون المدني المصري والمبادئ القانونية الدولية ووفقًا لـ “المادة ١٧ من القانون المدني المصري”، تخضع الميراث والوصايا وجميع التصرفات التي تسري بعد الوفاة لـ قانون المتوفى أو قانون الدولة التي ينتمي إليها الموصي وقت وفاته. ومع ذلك، فإن شكل الوصية يحكمه إما قانون الدولة التي ينتمي إليها الموصي وقت كتابة الوصية أو قانون الدولة التي تم فيها تنفيذ الوصية. وهذا يضمن أن يتمكن الأجانب من التعامل مع مسائل الميراث الخاصة بهم وفقًا للنظام القانوني الذي كانوا خاضعين له أثناء حياتهم.

 بالإضافة إلى ذلك، اكد “القانون رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦” قانون الوصية المصري، وفقا لما المادة ٩، على أن الوصية تظل سارية المفعول على الرغم من اختلاف الدين أو الجنسية ، ما لم يكن الموصي تابعا لبلد إسلامي وكان الموصي له غير مسلم من دولة غير إسلامية تمنع شريعته من الوصية لمثل الموصي.

 ويوفر هذا الحكم المرونة للمواطنين الأجانب في مصر، مما يسمح لهم بتوزيع ممتلكاتهم وفقًا لقوانينهم الوطنية مع ضمان بقاء وصاياهم معترفًا بها قانونًا في الإطار القانوني المصري

كيف يوزع الميراث في مصر

في مصر، تتبع توزيع الميراث نظامًا صارمًا ومنظمًا، يعتمد في المقام الأول على الشريعة الإسلامية (نظام الفرائض) بالنسبة للمسلمين. يُخصص هذا النظام حصصًا ثابتة للورثة، مما يضمن تقسيم الأصول بطريقة متوقعة ومنصوص عليها قانونيًا. قد يخضع غير المسلمين لقواعد ميراث مختلفة، ولكن إذا لم تكن هناك وصية محددة، فقد يتبع الإجراء الافتراضي للميراث القانون الإسلامي.

الحصص الثابتة بموجب قانون الميراث الإسلامي:

يستند نظام الفرائض إلى الأوامر القرآنية ويخصص أجزاءً محددة من التركة للورثة المؤهلين. تشمل أكثر الحصص شيوعًا في الميراث:

  • الزوج:
    • ترث الأرملة (زوجة المتوفى) ثُمن التركة إذا كان هناك اطفال، وربع التركة إذا لم يكن هناك أطفال.
    • يرث الأرمل (زوج المتوفاة) ربع التركة إذا كان هناك أطفال، ونصف التركة إذا لم يكن هناك أطفال.
  • الأطفال:
    • يرث الذكور ضعف ما ترثه البنات عند وجودهما معًا.
    • إذا كان هناك بنات فقط، فقد يرثن مجتمعات الثلث ، وإذ كانت منفردة ترث نصف التركة .
  • الوالدين:
    • يرث الوالد (الجد) سُدس التركة إذا كان المتوفى له أطفال.
    • ترث الوالدة(الجدة) السدس إذا كان المتوفى له أطفال.
    • إذا لم يكن هناك أطفال، فقد ترث الأم ثلث التركة، بينما قد يحصل الأب على حصة أكبر بسبب دوره كوارث بقية.
  • الإخوة:
    • إذا لم يكن للمتوفى أطفال، فقد يرث الإخوة، لكن حصتهم تعتمد على ما إذا كان والدي المتوفى لا يزالان على قيد الحياة.
    • كما هو الحال مع الأطفال، عادة ما يرث الإخوة ضعف ما ترث الأخوات ما لم يكن للمتوفى أخوات فقط، في هذه الحالة قد يرثن مجتمعات ما يصل إلى ثلثي التركة.
  • الأقارب الآخرون:
    • إذا لم يكن هناك ورثة مباشرين، قد تنتقل الميراث إلى أفراد العائلة الممتدة، مثل الأعمام والعمات والأبناء وحتى الأقارب الأبعد، وفقًا لترتيب محدد. في الحالات النادرة التي لا يوجد فيها ورثة شرعيين، قد ترث الدولة الأصول.

دور الوصايا في الميراث

في مصر، تلعب الوصايا دورًا محدودًا في توزيع الميراث، حيث لا يمتلك الأفراد حرية كاملة لتخصيص ثرواتهم كما يشاؤون. ينص قانون رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦(قانون الوصية) على أنه:

  • يمكن للشخص تخصيص ما يصل إلى ثلث تركته من خلال وصية.
  • يجب أن يتبع الثلثان المتبقيان قواعد توزيع الميراث القياسية وفقًا للشريعة الإسلامية.
  • لا يمكن للوصية استبعاد الورثة القانونيين ما لم يوافقوا طوعًا بعد وفاة الموصي.

بالنسبة لغير المسلمين، قد تختلف الحالة. إذا أنشأ غير مسلم وصية قانونية صحيحة توزع تركته خارج قواعد الإسلام، ومع ذلك، إذا لم توجد وصية، فسيتم تطبيق نظام الميراث الافتراضي—الذي غالبًا ما يستند إلى القانون الإسلامي.

النزاعات الشائعة في الميراث والانتصاف القانوني

على الرغم من قوانين الميراث الصارمة في مصر، تظل النزاعات حول الميراث شائعة. تنشأ العديد من النزاعات من أفراد الأسرة الذين يحاولون حرمان الورثة الشرعيين من حصصهم، أو الطعن في الوصايا، أو محاولة التلاعب بتوزيع الأصول. ويوفر النظام القانوني المصري آليات لحل مثل هذه النزاعات من خلال محاكم الأحوال الشخصية وغيرها من العمليات القضائية.


١. الحرمان من الميراث (خاصة ضد النساء):

واحدة من أكثر النزاعات الميراث شيوعًا في مصر تشمل حرمان الورثة الإناث من ميراثهن الشرعي من قبل الأقارب الذكور. بينما تضمن الشريعة الإسلامية للنساء حصة محددة من التركة، يستخدم العديد من العائلات الضغط الاجتماعي، الاحتيال، أو حتى التهديد لمنع النساء من المطالبة بنصيبهن. بعض الطرق الشائعة تشمل:

  • رفض تقسيم الممتلكات الموروثة لمنع الورثة الإناث من الحصول على نصيبهن القانوني.
  • الضغط على الوريثات للتنازل عن حقوقهن لصالح الأقارب الذكور.
  • تحويلات الملكية الاحتيالية قبل وفاة الموصي لإقصاء بعض الورثة.

الحل القانوني: بدأت المحاكم المصرية بشكل متزايد في الحكم لصالح حقوق الميراث للنساء. بموجب القانون رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦، يمكن للنساء تقديم دعوى في المحكمة لفرض حقوقهن في الميراث، ويمكن للمحاكم أن تلزم الورثة الذكور بتوزيع التركة بشكل عادل. إذا ثبت الاحتيال، يمكن للمحكمة إبطال التحويلات غير القانونية للأصول وضمان التوزيع الصحيح.

٢. النزاعات حول الوصايا وصحتها:

على الرغم من أن القانون المصري يحد من حرية التوصية، غالبًا ما تنشأ نزاعات الميراث حول صحة الوصايا. تشمل التحديات الشائعة:

  • مزاعم التزوير أو الإكراه، حيث يدعي طرف ما أن الوصية تم إنشاؤها تحت تأثير غير لائق.
  • النزاعات بين وصية وقوانين الميراث الإسلامية، خاصة عندما تتعارض الوصية مع الحصص الإلزامية للميراث.

الحل القانوني: تقوم المحكمة بفحص صحة الوصية، والتحقق من صحتها القانونية والالتزام بالقانون المصري. إذا كانت الوصية تنتهك قاعدة الثلث للمسلمين واستثناءاتها ، فقد تعلن المحكمة بطلان أجزاء منها. أما بالنسبة للوصايا الأجنبية، فقد تنفذها المحاكم المصرية إذا كانت متوافقة مع الاتفاقيات الدولية والإجراءات القانونية.

٣. عمليات نقل الملكية الاحتيالية للتهرب من قوانين الميراث:

يحاول بعض الأفراد نقل الأصول قبل الوفاة إلى ورثة محددين، بهدف تجاوز توزيع الميراث الإلزامي. وهذا يؤدي غالبًا إلى نزاعات عندما يطعن الورثة المستبعدون في عمليات النقل.

الحل القانوني: يسمح القانون رقم ٧١ لسنة ١٩٤٦ للورثة بالطعن في عمليات النقل الاحتيالية في المحكمة. وإذا ثبت أن عمليات النقل تمت بقصد التهرب من قوانين الميراث، فيمكن للمحكمة عكس المعاملات وإعادة توزيع الأصول وفقًا لقواعد الميراث القائمة على الشريعة الإسلامية.

٤. النزاعات الدولية على الميراث:

بالنسبة للمواطنين الأجانب والمصريين الذين لديهم أصول في الخارج، قد تنشأ نزاعات الميراث حول قوانين البلد الذي يجب تطبيقه. يمكن أن تؤدي الاختلافات بين القانون المصري وقوانين الولايات القضائية الأخرى إلى تعقيدات قانونية.

الحل القانوني: وفقًا للمادة ١٧ من القانون المدني المصري، يخضع الميراث لقانون المتوفى وقت وفاته، الا انه قد تواجه الوصايا الأجنبية تحديات قانونية، لذا يُنصح بالاستعانة بمستشار قانوني متخصص على دراية بالقوانين المصرية والدولية لضمان تنفيذ الوصية دون نزاعات.

ضريبة الميراث والرسوم القانونية في مصر

على عكس العديد من البلدان، لا تفرض مصر ضريبة ميراث على التركات. يتلقى الورثة ميراثهم دون دفع نسبة من التركة للحكومة. ومع ذلك، هناك بعض التكاليف الإدارية والرسوم القانونية المرتبطة بمطالبات الميراث، بما في ذلك:

  • رسوم المحكمة إذا تم رفع نزاع على الميراث.
  • الرسوم القانونية للمحامين الذين يتولون مطالبات التركة.
  • رسوم الشهر العقاري والتسجيل لنقل العقارات والأصول الأخرى.

على الرغم من  أن غياب ضريبة الميراث مفيد، يجب على الورثة الاستعداد للنفقات القانونية والإدارية المحتملة عند تسوية التركة، وخاصة إذا نشأت نزاعات.

الخلاصة

إن قانون الميراث المصري مصمم لتوفير نظام منظم وقابل للتنبؤ لتوزيع التركات، وضمان حصول الورثة على حصص ثابتة وفقًا للشريعة الإسلامية للمسلمين، وفي بعض الحالات، قواعد بديلة لغير المسلمين. وفي حين تساعد هذه القوانين في منع الاستبعاد التعسفي، تظل النزاعات حول الميراث المحروم منه، والوصايا المتنازع عليها، ونقل الملكية الاحتيالي منتشرة على نطاق واسع.

لتجنب التعقيدات القانونية، يجب على الأفراد اتخاذ تدابير تخطيط التركة الاستباقية، بما في ذلك:

  • صياغة وصية معترف بها قانونًا، وضمان الامتثال للقانون المصري.
  • استشارة محامٍ متخصص في الميراث للتعامل مع القضايا المعقدة، وخاصة تلك التي تنطوي على أصول أجنبية.
  • اتخاذ الإجراءات القانونية في حالة رفض حقوق الميراث، وخاصة بالنسبة للورثة الإناث أو الورثة الذين يواجهون معاملات احتيالية.

من خلال فهم قوانين الميراث المصرية والسعي للحصول على المشورة القانونية المهنية، يمكن للأفراد والأسر ضمان عملية ميراث سلسة وسليمة قانونًا، وتقليل النزاعات وحماية الورثة الشرعيين.

 للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على  info@eg.andersen.com

كُتب بواسطة

Legal Department

إرسل رسالتك

Posts - Page Form Ar
Newsletter

door