أمكانا حول العالم:

الإصلاح الضريبي الجديد في مصر يطرح أكبر تسوية في عام ٢٠٢٥

في إطار جهود الدولة المصرية لإصلاح المنظومة الضريبية وتعزيز الامتثال الطوعي، أصدرت الحكومة في ٢/٢٠٢٥ القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٢٥، الذي جاء كخطوة محورية ضمن برنامج إصلاح ضريبي شامل. يهدف هذا البرنامج إلى تحقيق الكفاءة والعدالة الضريبية، وتحسين العلاقة بين الإدارة الضريبية والممولين، ومعالجة تراكمات النزاعات التي امتدت لسنوات وأدت إلى تجميد مليارات الجنيهات، إضافة إلى الأعباء الإدارية والقضائية الكبيرة. وفي الوقت نفسه، صدر القانون رقم ٦ لسنة ٢٠٢٥ ليكمل هذه الرؤية من خلال تقديم نظام ضريبي مبسط ودعم فني وتقني للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، بهدف دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية وتحفيز الاستثمار والنمو. وتُعد هذه الحزمة التشريعية الأوسع من نوعها في تاريخ مصر، إذ تمنح الممولين فرصة استثنائية لتسوية أوضاعهم قبل الانتقال إلى مرحلة جديدة من التطبيق الصارم للالتزامات.

السياق والدوافع

جاء القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٢٥ في ظل الحاجة الملحة لمعالجة مشكلات هيكلية مزمنة في النظام الضريبي. وقد تمثلت أبرز دوافع إصداره في الرغبة في معالجة تراكمات النزاعات الضريبية، حيث كانت المأموريات الضريبية والمحاكم تعاني من تكدس النزاعات المعلقة، مما أدى إلى بطء الفصل فيها وإطالة الإجراءات. وقد وضع القانون آلية سريعة لتسويتها من خلال إعفاءات وتسهيلات مقابل السداد، بما يتيح للدولة تحصيل مستحقاتها ويخفف الأعباء عن الممولين. كما هدف القانون إلى تحفيز التسوية السريعة عبر منح إعفاءات كاملة أو جزئية من الغرامات ومقابل التأخير والضريبة الإضافية، الأمر الذي شجع الممولين على إنهاء النزاعات طوعًا بدلًا من اللجوء لإجراءات قضائية طويلة ومكلفة. بالإضافة إلى ذلك، سعى القانون إلى تحسين العلاقة بين الإدارة الضريبية والممولين، حيث مثّل تحولًا من النهج العقابي إلى النهج التعاوني، مع التركيز على الشفافية والتسويات العادلة وإزالة التعقيدات البيروقراطية، مما يعزز الامتثال الطوعي ويدمج الأنشطة غير الرسمية.

أما القانون رقم ٦ لسنة ٢٠٢٥ فقد استهدف توفير دعم فني لتطبيق الفوترة الإلكترونية والنظم المحاسبية، وتبسيط احتساب الضريبة بنسب مقطوعة من الإيراد، فضلًا عن منح إعفاءات للفترات السابقة للمنضمين حديثًا للنظام.

أبرز ملامح التسهيلات الضريبية

تتضمن الحزمة التشريعية عدة آليات تمنح الممولين فرصة ذهبية لتسوية أوضاعهم قبل انتهاء المهلة. ومن أبرز هذه الآليات تسوية المنازعات الضريبية قبل عام ٢٠٢٠، والتي تشمل النزاعات المنظورة أمام لجان الطعن أو المحاكم أو التي لم يُفصل فيها بعد، مع منح إعفاء كامل من مقابل التأخير والضريبة الإضافية والغرامات، والاكتفاء بسداد أصل الضريبة، بشرط السداد خلال ٣ أشهر من تقديم الطلب ووجود دفاتر محاسبية منتظمة. كما تشمل تسوية التصرفات العقارية أو المالية غير المقيدة بالبورصة، والتي تغطي جميع التصرفات في العقارات أو الأوراق المالية خارج البورصة، مع الاكتفاء بسداد الضريبة المستحقة عن آخر ٥ سنوات فقط وإعفاء كامل من الغرامات.

وتشمل التسهيلات كذلك إمكانية تقديم إقرارات ضريبية أصلية أو معدلة؛ بالنسبة لضريبة الدخل عن الفترات من ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٣، وبالنسبة لضريبة القيمة المضافة عن الفترات من ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢٤، مع إعفاء كامل من العقوبات المالية على التأخير أو الأخطاء. كما يتاح الانضمام إلى النظام الضريبي المتكامل للمشروعات الصغيرة التي لا يتجاوز حجم أعمالها السنوي ٢٠ مليون جنيه، مع إعفاء من المستحقات السابقة إذا تم التسجيل قبل ١٢ أغسطس ٢٠٢٥، وفرض ضرائب منخفضة بين ٠٫٤٪ و١٪ من الإيرادات، بالإضافة إلى الحصول على دعم فني وتقني.

كيفية التقديم للاستفادة من التسهيلات الضريبية

وضعت مصلحة الضرائب المصرية إجراءات مبسطة وواضحة لتمكين الممولين من الاستفادة من هذه التسهيلات. تبدأ الخطوة الأولى بتحديد نوع التسهيل المطلوب، سواء كان تسوية نزاع ضريبي، أو تسوية تصرف عقاري، أو تقديم إقرار جديد أو معدل، أو الانضمام للنظام المبسط، وذلك وفقًا للوضع الضريبي للممول. يلي ذلك تجهيز المستندات اللازمة، والتي تشمل رقم التسجيل الضريبي أو البطاقة الضريبية، والهوية الشخصية أو السجل التجاري، والمستندات المؤيدة مثل العقود والفواتير ومحاضر اللجان والدفاتر المحاسبية، بالإضافة إلى أي شهادات محاسبية أو تقارير فنية مطلوبة.

بعد ذلك، يتم تقديم الطلب إما إلكترونيًا عبر بوابة مصلحة الضرائب بملء النماذج المخصصة وإرفاق المستندات بصيغ PDF أو JPG، أو ورقيًا من خلال المأمورية الضريبية المختصة بتسليم النماذج والمرفقات يدويًا. وتتم متابعة الطلب من قبل المصلحة التي تقوم بمراجعته وإخطار الممول بالقيمة النهائية بعد تطبيق الإعفاءات. ويجب على الممول سداد المستحقات خلال الفترة القانونية المحددة، مثل ثلاثة أشهر لتسوية النزاعات قبل ٢٠٢٠ ، وبعد السداد تصدر المصلحة شهادة براءة ذمة تؤكد إغلاق الملف الضريبي.

أثر الدعم الفني على المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر

لم يقتصر القانون رقم ٦ لسنة ٢٠٢٥على تقديم الإعفاءات أو خفض معدلات الضريبة، بل تضمن حزمة شاملة من الدعم الفني والتقني. فقد نص على توفير الأجهزة والبرمجيات المحاسبية، بما في ذلك أجهزة نقاط بيع وحواسيب مجهزة ببرامج متوافقة مع منظومة الضرائب الإلكترونية، إلى جانب برمجيات مجانية أو مدعومة بشكل كبير، وتدريب عملي على إصدار الفواتير وتسجيل المعاملات وربط البيانات مباشرة بالمصلحة. كما شمل برامج تدريب وتأهيل من خلال ورش عمل حضورية في جميع المحافظات، وندوات إلكترونية لتوسيع نطاق الوصول، ومحتوى تدريبي يغطي التسجيل في المنظومة وإدارة الفواتير والالتزامات الضريبية المبسطة.

وتضمنت الحزمة أيضًا تخفيض التكلفة التشغيلية بإعفاء كامل من الغرامات السابقة عند التسجيل في المدة المحددة، وتطبيق ضرائب منخفضة تتراوح بين ٠٫٤٪ و١٪ بدلًا من الفحص المحاسبي الكامل. كما حفزت الانضمام للسوق الرسمي من خلال منح إمكانية التعاقد مع الجهات الحكومية والشركات الكبرى، وتوفير فرص للتمويل البنكي والقروض الميسرة، وتقديم حماية قانونية أفضل في المعاملات التجارية. واستمر الدعم لما بعد التسجيل عبر خطوط دعم فني مباشرة عبر الهاتف والإنترنت، وتحديثات دورية للبرمجيات، ومتابعة الأداء وتقديم النصح لتجنب الأخطاء.

ختاما

اليوم يمثل الفرصة الأخيرة للاستفادة من أكبر حزمة تسهيلات ضريبية في تاريخ مصر قبل بدء مرحلة جديدة من التطبيق الصارم للالتزامات. هذه المبادرة ليست مجرد إعفاءات، بل خطوة استراتيجية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والممول، ومعالجة تراكمات الماضي، وفتح الطريق أمام التزام طوعي ومستدام. إن اغتنام هذه الفرصة يتيح تسوية الأوضاع الضريبية بأقل تكلفة، ويمكن الدولة من تحصيل مستحقاتها بسرعة ودون نزاعات طويلة، ويعزز قدرة الاقتصاد الوطني على النمو ومواجهة التحديات.

 للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على  info@eg.andersen.com

كُتب بواسطة

Khaled Ali - Senior Tax Partner

إرسل لنا رسالتك

Posts - Page Form Ar
Newsletter

door