Worldwide Locations:

الإصلاحات الضريبية في مصر على مدار ٣٠ عامًا من الإعفاءات والتخفيضات

شهدت مصر خلال الثلاثين عامًا الماضية تطورات ملحوظة في النظام الضريبي بهدف تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة. من الإعفاءات الضريبية للمناطق الاقتصادية الخاصة إلى الحوافز الجديدة للشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، كانت الحكومة تسعى دائمًا لتعزيز البيئة الاقتصادية. في هذا المقال، سنتناول أهم تلك الإعفاءات، التحديات التي واجهت تطبيقها، بالإضافة إلى تقديم توصيات للشركات والحكومة لضمان بناء علاقة قائمة على الثقة بين الممولين والجهات الضريبية.

تطور الإعفاءات الضريبية عبر العقود

١٩٩٠-٢٠٠٠: تشجيع الاستثمار في المناطق الاقتصادية الخاصة

في التسعينيات، ركزت الحكومة المصرية على تشجيع الاستثمارات في المناطق الاقتصادية الخاصة من خلال تقديم إعفاءات ضريبية تصل إلى عشر سنوات لبعض القطاعات. وكان قانون رقم ٨٣ لسنة ٢٠٠٢ أحد أبرز التشريعات الداعمة لهذا الاتجاه، ولكن مع تعديله في ٢٠١٥ وفقًا لقانون رقم ٢٧، تم التحول نحو تقديم حوافز غير ضريبية، مما قلل من حجم الحوافز الضريبية وركز على الدعم غير المباشر.

٢٠٠١-٢٠١٠: دعم البنية التحتية والاستثمارات طويلة الأجل

خلال هذه الفترة، قدمت مصر حوافز ضريبية للمستثمرين في مشروعات البنية التحتية الحيوية مثل الطاقة والنقل، مما ساعد في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الاقتصاد الوطني.

٢٠١١-٢٠٢٠: دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والطاقة المتجددة

مع بداية العقد الجديد، زادت الحكومة اهتمامها بالشركات الصغيرة والمتوسطة، وقدمت حوافز ضريبية لمشاريع الطاقة المتجددة كجزء من رؤية مصر لتعزيز التنمية المستدامة.

٢٠٢١: دعم ريادة الأعمال والمشاريع البيئية

في السنوات الأخيرة، ومع تحول الاقتصاد نحو التنمية الخضراء، قدمت الحكومة تخفيضات وإعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والمشاريع البيئية، مما جعل مصر وجهة جاذبة للمستثمرين في هذه المجالات.

٢٠٢٣: الحوافز الجديدة للمستثمرين الأجانب

في عام ٢٠٢٣، أصدرت الحكومة المصرية القرار رقم ٧٧ لتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين الأجانب، وقد تم تقسيم هذه الحوافز إلى ثلاث فئات بناءً على نسبة التمويل الأجنبي في المشروع:

  • الفئة الأولى: خصم ٣٥٪ من قيمة الضرائب المسددة على الدخل الناتج عن المشروع إذا تجاوزت نسبة التمويل الأجنبي ٥٠٪ ولم تصل إلى ٧٥٪.
  • الفئة الثانية: خصم ٤٥٪ من قيمة الضرائب إذا كانت نسبة التمويل الأجنبي تتراوح بين ٧٥٪ وأقل من ٩٠٪.
  • الفئة الثالثة: خصم ٥٥٪ من الضرائب إذا كانت نسبة التمويل الأجنبي تتجاوز ٩٠٪.

وقد ارتبطت هذه الحوافز بشروط معينة واجه بعض المستثمرين صعوبة في تحقيقها.

٢٠٢٤: الحزمة الضريبية التحفيزية لصغار المستثمرين

أعلنت وزارة المالية في ٢٠٢٤عن حزمة تحفيزية جديدة لدعم الشركات الناشئة والأعمال الحرة وصغار المستثمرين، تضمنت:

  • تأجيل أول فحص ضريبي لمدة خمس سنوات، مع تقديم إقرارات ضريبة الرواتب ضمن إقرار التسوية السنوية.
  • تشجيع المشروعات الصغيرة والشركات الناشئة والمهنيين والأعمال الحرة.
  • تقديم حوافز وإعفاءات جديدة تشمل جميع الأوعية الضريبية (الدخل، القيمة المضافة، الدمغة).
  • إقرار نظام المقاصة المركزية للسماح بالتسويات الإلكترونية بين مستحقات الممولين ومديونياتهم تجاه الحكومة.
  • تحديد حد أقصى لغرامات التأخير لا يتجاوز قيمة أصل الضريبة.
  • تشجيع غير المسجلين ضريبيًا على التسجيل وفتح صفحة جديدة معهم دون الرجوع إلى الماضي.
  • السماح للممولين بتوفيق أوضاعهم الضريبية قبل الفحص، وتشجيعهم على الامتثال الطوعي.
  • إلغاء الإقرارات غير المدعومة مستنديًا تدريجيًا حتى عام ٢٠٢٥ للشركات و٢٠٢٦ للأفراد.

التحديات أمام تطبيق الإعفاءات الضريبية

رغم الحوافز الضريبية المقدمة، واجهت الحكومة عدة تحديات في تطبيقها:

  • تعقيد القوانين: كانت هناك صعوبة في فهم بعض التشريعات واللوائح التنفيذية من قبل الشركات.
  • فقدان الثقة: نتج عن التباين بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي توتر في العلاقة بين الممولين والجهات الضريبية.
  • العوامل السياسية: التركيز على زيادة الإيرادات أحيانًا كان يؤثر سلبًا على استمرارية السياسات الضريبية، مما قلل من جاذبيتها للاستثمار.

توصيات لتحسين العلاقة بين الممولين والجهات الضريبية

لتعزيز الثقة بين الممولين والجهات الضريبية، يُوصى بما يلي:

  • تعزيز الشفافية والوضوح:
    • إصدار لوائح تنفيذية واضحة وتبسيط الإجراءات الضريبية.
    • توفير منصات إلكترونية حديثة لتسهيل التواصل بين الممولين والجهات الضريبية.
  • الابتعاد عن التركيز على جمع الإيرادات فقط:
    • إعادة صياغة الخطاب الحكومي ليصبح الممولون شركاء في التنمية، وليسوا فقط مصدرًا للإيرادات.
    • تقديم حوافز مشجعة للامتثال الطوعي، مما يعزز الالتزام المستدام بالقوانين الضريبية.
  • تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب:
    • الحفاظ على استقرار السياسات الضريبية لفترات طويلة.
    • التعاون مع الهيئات الدولية لتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الضرائب.

توصيات للشركات

للاستفادة الكاملة من الحوافز الضريبية، على الشركات:

  • تجنب الأخطاء الشائعة:
    • تعيين مستشارين ضريبيين مؤهلين لضمان الفهم الصحيح للقوانين الضريبية وتجنب المشكلات القانونية.
    • زيادة الوعي الضريبي داخل الشركة لضمان التعامل الجاد مع القضايا الضريبية.
  • الاستفادة من الحوافز:
    • اجتذاب الكفاءات الضريبية القادرة على اتخاذ قرارات مالية دقيقة.
    • تعزيز الشفافية الضريبية لضمان الامتثال الكامل للقوانين.

تعزيز التطبيق وضمان الاستفادة الكاملة

لتعزيز استفادة الممولين والشركات من الحوافز، تحتاج الحكومة إلى:

  • تحسين وضوح اللوائح التنفيذية.
  • زيادة الشفافية والتواصل بين الجهات الحكومية والممولين لبناء الثقة.
  • تعزيز التنسيق بين وزارة المالية والوزارات الأخرى لضمان التطبيق الفعال للسياسات.

ختاما

شهد النظام الضريبي المصري على مدار الثلاثين عامًا الماضية تقدمًا ملموسًا، ولكنه واجه أيضًا تحديات كبيرة. لضمان النجاح المستمر، يجب على الحكومة والشركات العمل معًا لبناء علاقة قائمة على الشفافية والثقة، مما سيساهم في تعزيز مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة

 للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على  info@eg.andersen.com

Written By

Hamdy Yahia - Tax Partner

إرسل لنا رسالتك

Posts - Page Form Ar
Newsletter

door