أمكانا حول العالم:

الضريبة المستقطعة بالمناطق الحرة في مصر

وضعت مصر رؤيتها الاقتصادية الطموحة في قلب استراتيجيتها لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز الصادرات، وكان للمناطق الحرة دور محوري في هذه الخطة. تُروّج هذه المناطق على أنها منصات مثالية للتجارة العالمية، بفضل ما تقدمه من حوافز ضريبية، وبنية تحتية متطورة، ومواقع استراتيجية بالقرب من الموانئ والمطارات. ولكن خلف هذه الميزات الجذابة، تكمن شبكة معقدة من الالتزامات الضريبية، خصوصًا بالنسبة للشركات المنخرطة في المعاملات العابرة للحدود.

نظام مزدوج لجذب الاستثمار

تنقسم المناطق الحرة في مصر إلى نوعين رئيسيين، يخدم كل منهما احتياجات استثمارية مختلفة:

المناطق الحرة العامة تقع عادةً بالقرب من الموانئ والمطارات لتسهيل التجارة الدولية، وتستوعب مشروعات صناعية وتجارية وخدمية تركز على التصدير، وتسهم بأكثر من ٢٥٪ من إجمالي صادرات مصر، وتضم أكثر من ١٬٣٠٠ شركة.

المناطق الحرة الخاصة تُخصص للمشروعات الاستراتيجية التي تتطلب مواقع محددة، كالقرب من المواد الخام أو الأسواق التصديرية. ورغم أنها أقل عددًا، إلا أنها توفر مرونة تشغيلية أكبر للمستثمرين.

كلا النوعين من المناطق يتمتعان بحوافز سخية، تشمل الإعفاء من الجمارك، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل، والضرائب العقارية، مع حرية تحويل الأرباح ورأس المال دون قيود، مما يقلل الأعباء المالية والإدارية بشكل ملحوظ على المستثمرين.

ما لا يُقال كثيرًا: الالتزامات الضريبية خلف الحوافز

رغم أن المناطق الحرة توصف بأنها “معفاة من الضرائب”، إلا أن الواقع أكثر تعقيدًا. فهناك رسم بنسبة ١٪ يُفرض على حركة البضائع، كما أن السلع المباعة داخل السوق المحلي المصري تخضع للضرائب والرسوم الجمركية كأي عملية بيع داخلية أخرى. ويستمر الإشراف الجمركي داخل المناطق الحرة لضمان الامتثال للقوانين المنظمة للاستيراد والتصدير.

الموظفون لا يُستثنون من المعادلة الضريبية

في حين تستفيد الشركات من إعفاءات ضريبية كبيرة، فإن موظفيها لا يتمتعون بذلك. إذ يخضع العاملون في المناطق الحرة لضريبة الدخل الشخصي وفقًا للقانون رقم ٩١ لسنة ٢٠٠٥، كما يلتزمون بالمساهمات في التأمينات الاجتماعية بموجب القانون رقم ١٤٨ لسنة ٢٠١٩. وتُفرض قيود على العمالة الأجنبية، بحيث لا تتجاوز نسبتهم ١٠٪ من القوى العاملة إلا بموافقة خاصة.

ضريبة الخصم عند المنبع: التكلفة الخفية للمعاملات الدولية

إحدى التحديات غير المتوقعة – ولكنها بالغة الأثر – التي تواجه الشركات العاملة في المناطق الحرة، هي ضريبة الخصم عند المنبع (WHT) المفروضة على المدفوعات إلى جهات أجنبية. يجب خصم هذه الضريبة وسدادها قبل تنفيذ أي عملية دفع، مما يجعل الامتثال إلزاميًا وفوريًا

نوع المعاملةنسبة الضريبة
الخدمات٢٠٪
الإتاوات (مثل حقوق الملكية الفكرية)٢٠٪
الفوائد٢٠٪
توزيعات الأرباح ٥–١٠٪ (حسب الإدراج في البورصة)

عدم تطبيق هذه الضريبة بالشكل الصحيح قد يؤدي إلى غرامات جسيمة وتعقيدات في التدفقات النقدية

الاتفاقيات الضريبية الثنائية: فرص للتخفيف

تملك مصر شبكة واسعة من الاتفاقيات الضريبية الثنائية، تزيد عن ٥٠ اتفاقية، تساعد على تخفيف آثار ضريبة الخصم عند المنبع. هذه الاتفاقيات قد تؤدي إلى تخفيض أو إلغاء الضرائب المفروضة على الأرباح، والفوائد، والإتاوات، وتوفر وضوحًا قانونيًا أكبر للمعاملات عبر الحدود. لكن الاستفادة منها تتطلب إعداد مستندات دقيقة، مثل شهادات الإقامة الضريبية والعقود وإثباتات السداد، وفهم جيد لشروط كل اتفاقية.

التسعير التحويلي في المناطق الحرة: التزام رغم الإعفاء

حتى في بيئة ضريبية بنسبة ٠%، تلتزم الشركات العاملة في المناطق الحرة بتطبيق قواعد التسعير التحويلي المعمول بها في مصر. يجب أن تتم جميع المعاملات بين الأطراف المرتبطة وفقًا لمبدأ السعر المحايد. وإذا استوفت الشركة الحدود المطلوبة، فيجب عليها إعداد وتقديم:

  • الملف الرئيسي (Master File) سواء كان الكيان الأم داخل مصر أو خارجها
  • الملف المحلي (Local File) لتوثيق المعاملات بين الأطراف المرتبطة
  • تقرير كل دولة على حدة (CbCR) إذا تجاوزت الإيرادات العالمية للمجموعة ٣ مليارات جنيه مصري ويُشترط وجود اتفاقيات بين الشركات المرتبطة وفواتير دقيقة. عدم الامتثال قد يؤدي إلى إعادة تصنيف المعاملات أو رفض الخصومات أو فرض غرامات.

ويُشترط وجود اتفاقيات بين الشركات المرتبطة وفواتير دقيقة. عدم الامتثال قد يؤدي إلى إعادة تصنيف المعاملات أو رفض الخصومات أو فرض غرامات.

عندما تتحول الحوافز إلى مخاطر

عدم الالتزام بالمتطلبات الضريبية قد يعرض الشركات لعقوبات مالية كبيرة ويؤثر على سمعتها القانونية والتجارية. كما أن استرداد الضرائب المحجوزة في الخارج يتطلب إجراءات بيروقراطية طويلة ومستندات كثيرة. ومن بين الوثائق المطلوبة عادة:

  • شهادة إقامة ضريبية للجهة الأجنبية
  • نسخة من الاتفاقية الضريبية المعمول بها
  • إثبات سداد الضريبة داخل مصر
  • اتفاقيات قانونية تدعم طبيعة الدفع (مثل الخدمات أو الإتاوات أو القروض)

الخلاصة

لا شك أن المناطق الحرة في مصر تشكل بيئة خصبة للاستثمار والنمو المعتمد على التصدير. لكنها ليست ممرًا لتجاوز القوانين، فالحوافز ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالالتزامات، لا سيما على مستوى الضرائب الدولية والامتثال.

للمستثمرين الأجانب: من الضروري فهم القواعد قبل دخول السوق المصري لتجنب المفاجآت المكلفة.
وللشركات المصرية: الامتثال الضريبي في المناطق الحرة لم يعد خيارًا – بل هو ضرورة أساسية لتحقيق نمو مستدام وطويل الأمد في الاقتصاد العالمي.

 للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على  info@eg.andersen.com

كُتب بواسطة

Transfer Pricing Department

إرسل لنا رسالتك

Posts - Page Form Ar
Newsletter

door