ركائز منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مصر: حقبة جديدة لضرائب الاقتصاد الرقمي
في المشهد المتطور للضرائب الدولية، قدمت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إطارين مهمين يعرفان باسم الركيزة الأولى والركيزة الثانية. تهدف هذه الأطر إلى معالجة التحديات التي تفرضها رقمنة الاقتصاد وممارسات تآكل القاعدة وتحويل الأرباح (BEPS) من قبل الشركات متعددة الجنسيات (MNEs). ومع ذلك، فإن تنفيذها يشكل تحديات وفرصًا لدول مثل مصر، لا سيما فيما يتعلق بتطبيق قوانين ضريبة الدخل المحلية واتفاقيات الازدواج الضريبي الحالية.
الركيزة الأولى: إطار ضريبي مستدام للاقتصاد الرقمي
تم تصميم الركيزة الأولى لتقديم إطار ضريبي مستدام في الاقتصاد الرقمي اليوم، مما يضمن العدالة وتخصيص أكثر كفاءة للحقوق الضريبية. وهو يركز على الترابط وتخصيص الأرباح، بهدف منع تآكل القواعد الضريبية وتحويل الأرباح إلى الولايات القضائية منخفضة الضرائب من قبل الشركات الرقمية. ومن خلال إعادة تخصيص الحقوق الضريبية، تسعى الركيزة الأولى إلى معالجة تحديات القواعد الضريبية التقليدية التي لم تعد مناسبة للاقتصاد الرقمي.
وفي حالة مصر، قد يتطلب تنفيذ الركيزة الأولى إعادة تقييم قوانين ضريبة الدخل المحلية لاستيعاب القواعد الجديدة للترابط وتخصيص الأرباح، خاصة فيما يتعلق بالأعمال التجارية الرقمية. وقد يتضمن ذلك إعادة النظر في تعريف المنشأة الدائمة ومراجعة لوائح التسعير التحويلي لضمان توزيع الأرباح بشكل عادل بما يتماشى مع الأنشطة الاقتصادية التي تتم داخل مصر.
الركيزة الثانية: ضمان الحد الأدنى من الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات
وتهدف الركيزة الثانية إلى ضمان قيام الشركات المتعددة الجنسيات الكبيرة بدفع الحد الأدنى من الضرائب على الدخل الناشئ في كل ولاية قضائية تعمل فيها. يهدف هذا الحد الأدنى من الضريبة العالمية إلى معالجة المشكلات المتبقية بشأن تآكل الضريبة ونقل الأرباح، مثل تحويل الأرباح إلى الولايات القضائية منخفضة الضرائب واستخدام استراتيجيات التخطيط الضريبي القوية لتقليل الالتزامات الضريبية.
بالنسبة لمصر، قد يتطلب تنفيذ الركيزة الثانية إدخال تعديلات على قوانين الضرائب المحلية لإدخال حد أدنى لمعدل الضريبة الفعلي للشركات متعددة الجنسيات العاملة ضمن نطاق ولايتها القضائية. وقد يشمل ذلك فرض ضريبة إضافية لضمان قيام الشركات المتعددة الجنسيات بدفع الحد الأدنى من الضرائب على أرباحها، بغض النظر عن استراتيجيات التخطيط الضريبي الخاصة بها.
التحديات والفرص أمام المشهد الضريبي في مصر
يطرح تنفيذ الركيزة الأولى والثانية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في مصر العديد من التحديات والفرص للمشهد الضريبي في البلاد. فمن ناحية، فهو يوفر فرصة لتحديث ومواءمة قوانين الضرائب المصرية مع أفضل الممارسات الدولية، وتعزيز الشفافية والعدالة في النظام الضريبي. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي ذلك إلى زيادة العبء الإداري على السلطات الضريبية والشركات، لا سيما فيما يتعلق بالامتثال للقواعد الجديدة ومتطلبات الإبلاغ.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب النظر بعناية في تأثير هذه الأطر على اتفاقيات الازدواج الضريبي في مصر. وفي حين أن أهداف تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي تظل ذات أهمية قصوى، فقد تكون هناك حاجة إلى تعديلات لضمان توافق المعاهدات القائمة مع مبادئ الركيزة الأولى والركيزة الثانية.
المقارنة مع ولايات قضائية أخرى: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة
وتواجه ولايات قضائية أخرى في المنطقة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التحديات التي تفرضها التحول الرقمي وممارسات تآكل الضريبة ونقل الأرباح. وقد أظهرت هذه البلدان درجات متفاوتة من المرونة في تكييف أنظمتها الضريبية لاستيعاب الأطر الضريبية الدولية الجديدة.
على سبيل المثال، نفذت دولة الإمارات العربية المتحدة إصلاحات كبيرة في السنوات الأخيرة لتعزيز الشفافية الضريبية وتدابير الامتثال، بما في ذلك إدخال متطلبات إعداد التقارير في كل دولة على حدة ولوائح المواد الاقتصادية.
وبالمثل، اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات لتعزيز قدراتها في مجال إدارة الضرائب وإنفاذها، بما في ذلك إنشاء محاكم ضريبية متخصصة للفصل في المنازعات الضريبية. ومؤخراً قدمت حكومة المملكة العربية السعودية مشروع قانون مقترح لضريبة الدخل. الهدف الأساسي من قانون الضرائب الجديد هذا هو تحديث ومواءمة التشريعات الضريبية الحالية مع أفضل الممارسات الدولية. مستوحاة من الدول الرائدة في مجموعة العشرين وغيرها من الولايات القضائية التقدمية، تسعى القوانين المقترحة إلى تعزيز الكفاءة والفعالية في إدارة الضرائب. علاوة على ذلك، تم تصميم إصدار قانون ضريبة الدخل الجديد ليتوافق مع الرؤية الشاملة للمملكة وأهدافها الاستراتيجية. ويتم التركيز على تعزيز الاستثمار الأجنبي، وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي، وتعزيز الامتثال الضريبي والشفافية. وتهدف هذه الجهود أيضًا إلى تعزيز التزام المملكة بالتعاون الضريبي الدولي ودورها كمساهم رائد في المبادرات الضريبية العالمية.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، لا سيما فيما يتعلق بتفسير وتطبيق القواعد الضريبية الجديدة وتنسيق السياسات الضريبية على المستوى الإقليمي. قد تؤثر الاختلافات في الأنظمة القانونية والقدرات الإدارية والهياكل الاقتصادية أيضًا على تنفيذ الركيزة الأولى والركيزة الثانية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في هذه الولايات القضائية.
مدي استعداد إدارة الضرائب ومجتمع دافعي الضرائب في مصر
وبينما تستعد مصر لاستيعاب تأثير الركيزة الأولى والثانية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تطرح أسئلة بشأن مدى استعداد إدارة الضرائب ومجتمع دافعي الضرائب للتكيف مع هذه التغييرات. هل أنظمة إدارة الضرائب الرسمية الحالية مجهزة للتعامل مع العبء الإداري المرتبط بتطبيق هذه الأطر؟ هل مجتمع دافعي الضرائب على دراية بآثار حساب معدل الضريبة الإضافية ومستعد للامتثال لمتطلبات إعداد التقارير الجديدة؟
علاوة على ذلك، ما هو تأثير هذه التغييرات على جهود التخطيط الضريبي التي يقوم بها خبراء الضرائب؟ هل ستكون هناك حاجة لإجراء تعديلات على الهياكل والاستراتيجيات الضريبية الحالية لضمان الامتثال للقواعد واللوائح الجديدة؟ بالإضافة إلى ذلك، هل تعد التعديلات على أحكام قانون الضرائب وبيئات التقاضي ضرورية لمواءمة النظام الضريبي في مصر مع أفضل الممارسات الدولية؟
الخاتمة
ويمثل تنفيذ الركيزة الأولى والثانية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية علامة بارزة في تطور الضرائب الدولية، مع آثار بعيدة المدى على ولايات قضائية مثل مصر. وبينما توفر هذه الأطر فرصًا لتعزيز العدالة والشفافية في النظام الضريبي، فإنها تفرض أيضًا تحديات من حيث التعقيد الإداري وتكاليف الامتثال.
وللتغلب على هذه التحديات بشكل فعال، يجب على مصر التأكد من أن أنظمة إدارة الضرائب لديها مجهزة للتعامل مع العبء الإداري المتزايد وأن مجتمع دافعي الضرائب على دراية كافية ومستعد للامتثال للمتطلبات الجديدة. علاوة على ذلك، قد تكون هناك حاجة إلى إدخال تعديلات على القوانين والمعاهدات الضريبية الحالية لتتماشى مع مبادئ الركيزة الأولى والركيزة الثانية مع الحفاظ على أهداف تجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي. وفي نهاية المطاف، من خلال تبني هذه التغييرات واعتماد نهج استباقي للإصلاح الضريبي، يمكن لمصر أن تضع نفسها كوجهة تنافسية وجذابة للاستثمار في العصر الرقمي.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com