جريمة التزوير…
والقيود على حرية القاضى الجنائي فى الاثبات
التزوير في حقيقته هو إلباس الباطل ثوب الحق، بتغيير حقيقة الشئ بالحذف أو الإضافة او الوصف، مما يحدث تغيير جوهري في محرر ما، بإحدى الطرق التي نص عليها القانون، تغيراً من شأنه أن يحدث ضرراً بالغير، مع النية فى استعمال المحرر فيما زور من أجله؛ بقصد إيهام الغير بصحة ما وقع فيه التزوير.
والتزوير قد يكون في محرر عرفي أو رسمي. و مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظف عام مكلف بتحريرها بمقتضى وظيفته.
و التزوير في الورقة الرسمية عقوبته السجن وتكمن علة تشديد العقوبة فى أنه يمثل عدوان على سلطان الدولة وإهدار الثقة والإضرار بمصلحة الأفراد والإخلال بالضمان والاستقرار فى المجتمع.
ولكى تتحقق جريمة التزوير ينبغى توافر جميع أركانها فى أن يكون من شأن التزوير تغيير الحقيقة و إحداث ضرر بالغير (و الضرر المفترض عند تزوير ورقة رسمية) وأن يثبت علم المتهم بأنه يغير الحقيقة، لأن مجرد التمسك بالورقة المزورة لا يكفى فى ثبوت العلم بتزويرها ما دام لم يقم الدليل على أن المتهم هو الذى قارف التزوير أو كان شريكا فيه.
ووفقا لمفهوم المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصرى “القاضي الجنائي يحكم فى الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته.
وعلى الرغم أن القانون لم يقيد حرية القاضي الجنائي في اتخاذ أى طريق للكشف عن الحقيقة بما يتوائم مع العقل والمنطق إلا أن ذلك مشروط بألا يبنى حكمه على اى دليل لم يطرح أمامه في الجلسة او الأخذ بشهادة شاهد فى قضية اخرى لم يسمعها بنفسه أو تحقيق تم أمام محكمة مدنية دون اجراء تحقيق جنائي إذ يشكل ذلك اخلالا بحق الدفاع و يعيب الحكم ويبطله.
ونشير هنا إلى أحد القضايا التى باشرها مكتبنا، حيث كانت النيابة قد أحالت المتهم للمحاكمة الجنائية عن جريمة تزوير فى محرر رسمى مرتكنة في ذلك لصدور حكم مدنى نهائى قضى بثبوت التزوير والى التحقيقات المدنية. وأثناء المحاكمة تمسك ماهر ميلاد اسكندر “محامى المتهم ” بخلو الأوراق من تحقيق جنائي، كما دفع بعدم جواز الأخذ بشهادة الشاهد فى التحقيقات المدنية. لكن المحكمة قضت بادانة المتهم بالسجن 10 سنوات دون أن تستجيب لهذا الدفاع.
فتم الطعن على ذلك الحكم للخطأ فى تطبيق القانون على سند من أنه محظور على القاضى أن يبني حكمه على أي دليل لم يطرح أمامه في الجلسة ويستوي في ذلك أن يكون دليلاً على الإدانة أو البراءة او أن تأخذ المحكمة بشهادة شاهد في قضية أخرى دون أن تسمعها هي بنفسها . أو أن تعتبر التزوير ثابتاً فى حق المتهم مرتكنة في ذلك إلى حكم صادر من القضاء المدني بثبوت التزوير وعلى التحقيقات المدنية التي بني عليها هذا الحكم بدون إجراء تحقيق جنائي.
وعند نظر الطعن قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الطعن وقالت أنه لا يجوز الاعتماد في الإدانة بجريمة التزوير على حكم مدني أو تحقيقات مدنية او شهادة شاهد لم تسمعها المحكمة وإلا كان الحكم باطلاً.
. رابط القضية https://bit.ly/3nLJSmE
فى النهاية فإن الهدف من المقال، هو أنه لا يجوز ادانة المتهم إلا بعد محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه استنادا إلى قاعدة أصولية أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.
للرد على اي استفسار قم بملء النموذج او تواصل معنا على info@eg.andersen.com